لقد حظيت - رغماً عن أنفي- بفرصة الحديث مع إحدى السيدات الفاضلات اللاتي يطلقن على أنفسهن إسم "الملتزمات" ، و كان هذا الحديث سبب طرحي لهذا السؤال. حديث لم أطلب التطرق إليه . و لم أفتح بابه ، و لكن تكررت كثيراً صدف وجودي مع أناس من نفس الشاكلة و العجينة مؤخراً. و بت أجد نفسي في نفس دوامة الحديث المتدين العقيم و الفارغ مرة تلو الأخرى. و هنا أقصد تسميته متدين و فارغ لأنه ليس بديني و لا يرتقي لمستوى الحوار المنطقي الواعي. كان الحوار كالآتي
سبحان الله و الحمدلله على نعمة الإسلام. اييي احنا غير! إسلامنا وحد و ما فرق بين الناس. و الحمدلله الله حفظه. كل شي واضح .. ما في مجال الواحد يضيع. عندنا الكتاب و عندنا احاديث الرسول
و الله ماشاء الله زين في أحد يشوف كل شي واضح. عاد مادري شلون طلعت مذاهب مختلفة اذا كل شي كان واضح و صريح
اي لا بد من الاختلاف، و لازم في ناس يشطون بعيد. يعني بس الواحد يشغل مخه و يقدر المذاهب عدل. يعني مو اي مذهب الواحد يمشي وراه و يتقبله لان في ناس مثل ال... عندهم طقوس غريبة. بس هم ماعلينا كل واحد و كيفه. و ما لازم نفرق. يعني آنا عندي وايد ربع منهم .. و الله عمري ما فرقت و لا حسستهم ان في فرق بينهم و بين باجي ربعي. كلنا جدام رب العالمين سواسية. ماكو فرق بين ابيض و اسود
و الله زين تقولين ما لازم نفرق و كلنا عند رب العالمين سواسية. أقول يعني معناته ترضين تناسبينهم
لا هذا شي ثاني . ما نفرق شي ... و النسب شي ثاني
يعني ما تناسبين احد من ذوي البشرة السودا أو أحد مو من طائفتج؟
لا مايصير ...النسب يدشون فيه اهل و موضوع معقد مو هين
يعني المسلمين يفرقون بين الناس و مو الكل سواسية؟
ثم سكتت شهرزاد عن الكلام المباح أو انطمت لمن درت إني من الطائفة ال... و زوجي من الطائفة المضادة و لكن فقط لوهلة... فما لبثت أن أفاقت من صدمتها لتمطرني بأسئلتها الفضولية الكثيرة ككيف ؟ و شلون اهلج رضوا؟ و شلون أهله رضوا؟ و عيالج بصلون ايدهم فوق و لا تحت؟
أولا ! و قبل كل شي ، و من خلال خبرتي المتواضعة في هذه الحياة، من يخاطب الناس طوال اليوم و في كل مجلس بكلمات مثالية مثل "لا أفرق" أو "جميعنا سواسية" هو أول من يفرق حين تواجهه اختبارات الحياة. و في رأيي المتواضع من العيب جدا تركيز الضوء على مسألة تساوي الطوائف (و لون البشرة) في كل مناسبة (أو بدون مناسبة) . فمن لا يفرق يتصرف كمن لا يفرق و لا تهمه كلمات فارغة صفت لتبهر الجالس بمدى عقلانيته الزائفة
ثم سكتت شهرزاد عن الكلام المباح أو انطمت لمن درت إني من الطائفة ال... و زوجي من الطائفة المضادة و لكن فقط لوهلة... فما لبثت أن أفاقت من صدمتها لتمطرني بأسئلتها الفضولية الكثيرة ككيف ؟ و شلون اهلج رضوا؟ و شلون أهله رضوا؟ و عيالج بصلون ايدهم فوق و لا تحت؟
أولا ! و قبل كل شي ، و من خلال خبرتي المتواضعة في هذه الحياة، من يخاطب الناس طوال اليوم و في كل مجلس بكلمات مثالية مثل "لا أفرق" أو "جميعنا سواسية" هو أول من يفرق حين تواجهه اختبارات الحياة. و في رأيي المتواضع من العيب جدا تركيز الضوء على مسألة تساوي الطوائف (و لون البشرة) في كل مناسبة (أو بدون مناسبة) . فمن لا يفرق يتصرف كمن لا يفرق و لا تهمه كلمات فارغة صفت لتبهر الجالس بمدى عقلانيته الزائفة
ثانياً ! الحمد المتكرر على نعمة الإسلام (الواضح و الصريح) من قبل أناس قليلي الخبرة في الحياة -و إن بلغ عمرهم أرذله- لا يظهرهم بالمظهر المتدين الذي ينشدونه. فوصف الدين بأنه بيّن (كل شيء) و لم يترك صغيرة إلا و جعلها واضحة صريحة هو أمر ساذج لا يقوله إلا شخص يرى الحياة و يرى هذا الدين بمنظار ضيق! و إلا لما ختم شيوخ الدين (المحترمون منهم طبعا) فتاويهم بجملة "الله أعلم" . أظن أن كل من تعاركت معه الحياة و واجه فيها ظروف و أناس مختلفة عن بيئته يعلم و يؤمن أن الحياة ليست واضحة و لا تصنف تحت لوني الأبيض و الأسود فقط. هناك الرمادي.. و هناك ألوان أخرى كثيرة منها المبهج و القاتم و ما نفضله و ما لا نحبه. هناك ما هو صحيح و ما هو خاطئ بالنسبة لنا.. و الذي يختلف عن ما هو صحيح أو خاطئ بالنسبة لغيرنا. فمثلا عندما يتفق المتدينون السطحيون على مسألة إن لم يتم الوضوء بشكل صحيح فصلاتك باطلة، فمن يجب أن اتبع ليكون وضوئي صحيحا و بالتالي صلاتي صحيحة؟ هل أمسح أم أغسل رجلي؟ و إن كنت من مذهب الغسل و زوجي من مذهب المسح.. فأيهما أصح و ماذا اعلم أطفالي لتَُتقبل صلاتهم؟ هل يغسلون أم يمسحون أم يغسلون رجل و يمسحون الأخرى؟ و إن كنتم تفتخرون بوضوح الدين فما بالكم لا تقفون عند الآية التي صرح فيها الله بأن تقوى القلب هي الفاصل بين البشر و ترجعون اليها قبل أن تهموا بالتفرقة التي تفضلها نفوسكم؟ ليت هذه الدقة متواجده في ما تعملون و ما تدرسون.. لكنا أمة الإنجاز الأولى في هذا العالم!!!ا
بالله عليكم الدين أكبر و أجمل و أعمق من هذه التفاهات. نعم الدين واضح و صريح لكل ما هو مهم. و كل ما هو مهم ذُكر في القرآن. و كل ما هو ليس بتلك الأهمية سُكت عنه. و المسكوت عنه (و هو أمر ثانوي في الدين) هو ما اختلفت عليه المذاهب. و لم يختلف مذهب على التوحيد و على نبوة نبيه. فما بالكم تفرقون و تتناحرون فيما بينكم على ما هو ثانوي؟
الدين رقي .. و علاقة محبة و امتنان للخالق يجب أن تنعكس على علاقتنا بباقي البشر. و ليس بسلاح نهاجم به الغير و نختلف فيه على تفاهات الأمور. و الدين نظافة و طهارة داخلية لا نتبجح بها أمام الناس و لا يجب أن نستخدمها في تجارة النفاق الفانية. فهل تظن أيها المسلم ذو المذهب "الخاص" و المقبول ، بتطبيقك الدقيق لحذافير مذهبك أنك قد علوت على باقي البشر و على باقي إخوانك المسلمين و أنك فزت بالآخرة؟ ماذا عن "ذرة الكبر" التي تمنع صاحبها من دخول الجنة مهما كان عمله الديني و الدنيوي؟ هل مبدأ هذه الذرة لا يطبق حين نقترب من خانة لون البشرة أو المذهب؟
الدين هو تفتح للعقل. و إن كنت ترى الدين بأنه نعمة عظيمة تستلزم الشكر و الثناء فعامله كنعمة عظيمة قبل كل شيء! فعندما يمن علينا الكريم بما هو عظيم ، يجب أن نصونه و نحافظ عليه. و لا يجب أن نستخدمه في الشر. فقبل أن تتوجه إلى ربك بالثناء لتُسمع الناس، احمده في الخفاء بالفعل الطيب. أحِب الله و أحِب خلق الله.. و لا تفرق و لا تستخدم نعمة الله كسلاح تدمر و تقتل به غيرك. و القتل النفسي و الجسدي سواء في هذه الحالة. فنبذ مخلوق و التعالي عليه للون جلده أو لأصله أو لمذهبه هو اضطهاد و جرم بحق النفس التي خلقها الرحمن. و نصيحتي لأمثال فلانة التي غردت بكلماتها الفارغة على مسمعي المرهف هي أن تبدأ بتطبيق اساس دينها الذي درسونا إياه في الصف الأول الابتدائي، ألا و هو، عبادة الله و تعمير الكون. و أتمنى أن تبدأ بالالتزام بوظيفتها و إتمامها على أكمل وجه بدل الغياب و الاستئذانات التي غالبا ما تنتهي في المجمعات التجارية!!!ا إن كنت مسلما حقيقياً فابدأ بالعمل و الانتاج لا لأجل المال بل لأجل خالقك الذي تزعم حبه و حب دينه! أما حان الوقت الذي نكتفي فيه بهذا القدر و نتوقف عن كوننا عالة على باقي الأمم؟
ملاحظة: أتمنى مِن مَن يقرأ هذه السطور أن لا تأخذه الحمية و بيدأ بالدفاع عن الدين و الأحاديث. فأنا لم اهاجم ديني و لا نبيي. و من يظن ذلك فلم يفهم المغزى من وراء كلماتي و لم يقدر حزني على "نعمة" ربي
2 comments:
موضوع اينن ، مشالله
للأسف وايد ناس يكونون ملتزمين و للأسف العقلية ما فيها شي من الإسلام
مرينا من فترة بهالموضوع ، اختي تبنت طفل من دار الرعاية
و يعتبر حسب الفتوى انه يتيم
و كلنا ندري حديث الرسول صلى الله عليه و سلم عن كافل اليتيم
تدرين انه اكثر الإنتقادات يتنا من الناس الملتزمين ؟؟
وحده من البنات الملتزمات اللي تحاسبنا على لبسنا و مكياجنا كانت ماسكة ايد البيبي و لما درت انه مجهول الوالدين سحبت ايدها !!! و لاعت جبدها منه !!!
اسفة على القرقة
بس صج من زمان ما قريت بلوق مميز فيه شي الواحد يقراه
عزيزتي NewQ8 Bride
تلك من سحبت يدها عن يد طفل لاحول له و لا قوة في هذه الدنيا أثبتت مدى جهلها و سطحية ايمانها. و للأسف هذا النوع من البشر هو ما نراه منتشر بقوة و يحمل راية الدين.. بلباس محتشم يقطر خشوعا و نفس ملوثة
حبيبتي .. أتمنى من كل قلبي التوفيق لك و لأختك البطلة التي تحدت مرضى هذا المجتمع.. و أتمنى أن تكون هذه الإنسانة الرائعة سببا لحياة آمنة و سعيدة و مليئة بالأمل لهذا الطفل البريء
شكرا لمرورك و تعليقك اللطيف
Post a Comment