Wednesday, August 18, 2010

شهر الخير و الإحسان.. شهر الصدق و الغفران



في هذا الشهر الفضيل.. حين تُغلق ابواب النار و تُفتح ابواب المغفرة.. و يُقمع الشيطان، تظن ان الناس ستتغير و لو لشهر. لكن الكاذب يظل كاذباً.. و المحتال يبقى محتالاً .. و عديم القلب لا يزال جاهلا بمعنى الرحمة. فما الشيء المختلف في هذا الشهر و ما حقيقته؟ اذا كان الشيطان قد قلل او اوقف نشاطه.. فإذا هذا الشهر هو الوقت الذي يثبت فيه ابن آدم أنه الشيطان بعينه!

فتلك امرأة تجمعنا لتعرض بضاعتها (المو تقليد!) علينا بسعر معقول ارخص بكثير من اسعار السوق و لكن اكثر بكثير من تكلفة بضاعتها المغشوشة! فكيف غرها الشيطان في هذا الشهر؟ و هذا رجل ينتقد اخلاق الفتيات و ماضيهن الغير مشرف لانهن اقترفن خطأً كبيرا بوقوعهن في الحب.. و هو من تعدى حدود ربه مرات عده و مارس الكبائر.. و لكنه رجل.. و الرجل كائن أعلى من ان يحاسب! فكيف يا من تصلي و تصوم تقذف فتيات بما لا تدري و لا تعلمه؟ و منو قاص عليك و قايلك انك فوق مستوى الشبهات؟ هل دَرّب الشيطان عقلك المنحرف بهذه الجودة لدرجة ان تفكيرك لا يختلف حتى في شهر المغفرة؟ و هذان اب و ابنه مختلفان متخاصمان.. و كلٌ منهما قد جمد قلبه و اختار كرامته على البر و الوصال! فأين رحمة الصغير بالكبير و حنان الكبير للصغير؟ و كيف نجح الشيطان في تعليمهما القسوة و الفراق؟

امور كثيرة نشهدها في هذا الشهر الفضيل لا تختلف عن غيرها من الأمور التي تجري في اي شهر عادي. لكن استهجاننا لها في هذا الشهر اكبر و اوضح لانها تظهر الحقيقة البشرية من دون اي تدخل شيطاني! في هذا الشهر الفضيل، نطلب المغفرة و لكن لا نغفر. نطلب الرحمه لكن لا نرحم. نطلب و نطلب و لكن لا نحمد و لا نُعطي و لا نصون ما نُعطى! نحن جنسٌ نثبت مع مرور الايام ان اغلبيتنا لا يتمتع بنصف ما يطالب به بني جنسه. نقترف الاخطاء و نذم غيرنا ان ارتكبوها ، غير آبهين بالوحل الذي نلطخ وجوهنا به نتيجةً لتصرفاتنا المنافقة هذه!

ربما نحن نظلم انفسنا على مدار العام بإلقائنا اللوم على الشيطان عند كل خطأ نقترفه! لاننا بذلك لا نترك مجالا للشك بحكمنا و باقوالنا و افعالنا، و بذلك نمنع انفسنا من المحاسبة و من اعادة تقييم ذاتنا! نحن نظلم انفسنا لاننا بالقائنا اللوم على مخلوق النار نمنع انفسنا من الاعتراف باخطائنا فلا نتقدم اخلاقيا في اي اتجاه! ان الاعتراف بالخطأ فضيلة، ليس لانه يدل على الصدق فقط، بل لأنه يأتي بعد ادراك عميق لانسانيتنا و ضعفنا و امكانية اقترافنا للخطايا.. الكبير منها و الصغير. ان مواجهتنا لانفسنا تساعدنا على ادراك و تقبل فكرة اننا اناس نخطئ و اخطاؤنا قد تكون نتاج سوء تفكيرنا و اختيارنا و قد تكون نتاج عدم استخدامنا للاسفنجة التي حبانا الله بها في جمجمة كل منا! هذا الادراك لا يجعل منا اناسا افضل على المستوى الشخصي فقط، بل على المستوى الانساني ايضاً، لاننا حينها سنتمتع بالعقل الذي يتفهم اخطاء الآخرين، و بالقلب الذي يغفر و يسامح.

في رأيي المتواضع، ان مبدأ "قد أضلني الشيطان" قد بات استغلاله يتعدى الحدود المنطقية! نعم ربما الشيطان لديه التأثير السلبي على كل منا مدى الحياة .. و لكننا لدينا العقل و الارادة و روح المسؤولية (المفروض!). و ان كنا سنلعن الشيطان حال وقوعنا في خطأ او فاحشة.. فلم لا نلعنه حين يقع غيرنا في الخطأ بدل ان نذمهم و نلعنهم على فعلتهم؟



8 comments:

S-Q8 said...

تعليق: هذا البوست ليس بمقال ديني و لا يطمح الى مناقشة حقيقة غياب او وجود الشياطين

basees@bloggspot.com said...

There is a lot sense there, keep on going ...

ساره النومس said...

كل عام وانتي بالف خير يارب

الجاحظ said...

طرح مؤثر جدا ، يقول المولى عز وجل في كتابه العزيز على لسان الشيطان : "ربنا ما أضغيته و لكن كان في ضلال بعيد

أعتقد أن في السابق قلة قليلة ضلت من غير مساعدة و توجيه الشيطان ، في حين أن السواد الأعظم من الأمة في عصرنا هذا غير محتاج إلى الشيطان

فأنا لا أعلم حقيقة ما هي نفسية الشيطان في الوقت الحالي ؟ هل يعيش حالة من الراحة و السكينة ؟ أم يعيش حالة ملل قاتلة نظرا لاستغناء الناس عن خدماته ؟؟

S-Q8 said...

basees:
thanks :)

طموحة مملوحة:
و انتِ بأف خير و صحة و سلامة
:)

الجاحظ:
LoL
شكله بيتقاعد

الجاحظ said...

بالمناسبة هل تعلمين أصل كلمة شيطان؟

S-Q8 said...

لا و الله ما عندي فكرة

الجاحظ said...

أصل كلمة شيطان من الشَطَن ، و الشطن في اللغة البعيد ، الشيطان أي البعيد من رحمة الله ، و في ذلك يقول الشاعر

نأت بسعادَ عنك نوىً شَطون ... فبانت و الفؤاد بها رهين

و يقول عنترة في معلقته

يدعون عنترة و الرماح كأنها ... أشطان بئر في لبان الأدهم

أشطان هنا جمع الشّطن و هو الحبل الطويل الذي يستخدم لاستخراج الماء من الآبار البعيدة القعر خاصة

في النهاية كل هذه المعاني يدل على البعد

هل رأيتي كيف أن لغتنا الجميلة لغة ولود؟

تحياتي لك :)